الحداد على الزوج من الوفاء له و البر باهله
لقد اعلى الاسلام من مكانة الزوج وحقه على زوجته، وانزله منزلة لاينالها اقرب ارحام المرأة صلة (الأب ـ الأخ ـ الأبن).. ذلك ان الزوج الوفى المؤمن قد يحل محل الأب والأخ او حتى الأبن والصديق لزوجته ما ليس لأحد غيره ان يقوم بها مهما كانت صلة قرابته للمرأة .. من أجل ذلك خص الا سلام الزوج فى الحداد عليه بعد وفاته، وجعل ذلك واجبا على الزوجة، تأثم على تركه او التقصير فى فيه.
توضح ذلك الدكتورة الهام محمد شاهين ـ استاذة الفلسفة بجامعة الأزهرـ قائلة: ان الحداد او الاحداد على الزوج هو تكريم وليس حجرا على المرأة: وهو حكم شرعى تختص به النساء دون الرجال، وهو واجب على كل امرأة مات عنها زوجها رعاية لحقه، ووفاء بعهده.
والحداد لا يعنى الاقتصار على لبس السواد من الثياب فقط، ولكن على الزوجة فى هذه الفترة ترك الزينة بجميع انواعها من ملابس صارخة الألوان وكحل وعطور، وان تمتنع عن كل ما يرغب فيها بالزواج حرمة للزوج وتطييبا لنفس أهل الزوج وأقاربه، ومراعاة لشعورهم وطاعة لله قبل ذلك وبعده.
والحداد على الزواج واجب ومدته ابعة اشهر وعشرة ايام لقوله تعالة "والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بأنفسهن اربعة اشهر وعشرا" ولا يجوز للمراة فى هذه الفترة المبيت خارج منزل الزوجية او الخروج لغير ضررة.. فبقاؤها فى منزل الزوجية هو اقل ما يمكن ان تقدمه المرأة دليلا على الوفاء لأليفها الراحل .. وهذا ما يجب ان يعيه كل من اسرة الزوجة واسرة المتوفى معا، فليس من الوفاء للزوج الانتقال من منزل الزوجية فى فترة العدة، ولو كان هذا الانتقال الى اسرة الزوج نفسه.. وتوضح د. الهام شاهين انه بالرغم انه برغم ان الأصل فى المتدة الا تفارق منزل الزوجية فترة (الحداد)، الا انه قد يسمح لها بالانتقال الى بيت اخر فى حال وجود ضرورة ملحة مثل الخوف منهدم بيت او حرقه أو غرقه، او ان يكون هذا البيت عرضة للصوص .. وهذا من باب الضرورة والضرورات تقدر بقدرها.
و تستطرد ان الاحداد على الزوج هو وحده الذى يأخذ حكم الواجب وفى ذه المدة الشرعية الطويلة (ارعة أشهر وعشرة ايام).. مشيرة الى انه يجوز للمرأة ايضا الاحداد على ابيها او اخيها او امها..الخ ولكن ذلك ليس واجبا، كما انه لا يزيد على ثلاث ايام لقوله صلى الله عليه وسلم، لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاث "الا على زوج اربعة اشهر وعشرا"؟
