كثيراً ما يؤكد الإمام في خطابه للمرأة على مبدأ التربية والتعليم لأنهما يرفدان المجتمع بأفراد وعناصر صالحين ولأجل هذا أرسل اللّه تعالى الأنبياء والرسل، وقرن الإسلام دور المرأة بدور النبي، فالنبي يربي المجتمع الكبير والمرأة تتولى القيام بتربية المجتمع الصغير الذي هو أسرتها وأفراد عائلتها والتي تتأثر بطبيعة الغذاء الروحي الذي تقدمه لأطفالها وهذا الغذاء عبارة عن مجموعة من القيم والمبادىء والعادات السامية التي بها تستقيم النفوس وترتقي لذلك خصَّ الإمام (رض) خطابه إلى الأمهات قائلاً:
"إن نفوس الأطفال تتأثر بالتربية سريعاً، تتقبل الحسن والقبيح بقوة، وأنتن المسؤول الأول عن أفعال الأطفال وتصرفاتهم، إنهم يترعرعون في أحضانكن... إن طفلاً واحداً يتربى في أحضانكن من الممكن أن يسعد شعباً كاملاً... أما لو كانت تربيته سيئة فقد يفسد مجتمعاً لا سمح اللّه".
إن الإمام بكلماته يصور واقع المجتمع الذي نعيش فيه، فكم من الأطفال الذين تربوا في أحضان نساء صالحات قادوا البشرية نحو الهداية والصلاح بعلمهم وإيمانهم... والعكس كذلك! فكم من القادة وزعماء السوء قادوا البشرية نحو الحروب والهلاك! فمن المسؤول عن ذلك؟... أوليست تلك التربية المبنية على الطمع والجشع والأنانية؟... لذلك يخاطب الإمام (رض) النساء في جميع أنحاء العالم إلى أن يرجعن إلى القدوة الإلهية التي هي للنساء والرجال معاً كي يقتدين بها... ويستضئن بنور علمها المبارك... وأن يتصفحن التاريخ جيداً في سيرة السيدة الزهراء (ص) التي كانت مثالاً للتربية ومناراً للتعليم والتي خرّجت من حضنها أئمة الهدى على امتداد البشرية، يقول في حقها الإمام(رض): "امرأة ربَّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع، أشخاصاً يشع نورهم من بسيطة التراب إلى الجانب الآخر من عالم الأفلاك ومن عالم الملك إلى الملكوت الأعلى، صلوات اللّه وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوَّأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية، ودار تربية خيرة ولد آدم".
أمَّا لماذا ركز الإمام(رض) على الرجوع لسيرة الزهراء(ص) والاقتداء بها... فلأنها(ص) جسَّدت الإسلام بكل معانيه واكتسبت من نور العظمة الإلهية مبادىء الحق.