11. وقال الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى تحت فصل "في بدع شهر رجب" :
(وقراءة قصة المعراج ، والإحتفال لها في ليلة السابع والعشرين من رجب بدعة ، وتخصيص بعض الناس لها بالذكر والعبادة بدعة ، والأدعية التي تقال في رجب وشعبان ورمضان ورمضان كلها مخترعة مبتدعة ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، والإسراء لم يقم دليل على ليلته ، ولا على شهره ، ومسألة ذهابه صلى الله عليه وآله وسلم ورجوعه ليلة الإسراء ولم يبرد فراشه لم تثبت ، بل هي أكذوبة من أكاذيب الناس) ا.هـ
"السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" ص143
12. وقال الشيخ القرضاوي :
(ذكر أحد أئمة الحديث وهو أبو الخطاب عمر بن دحيا من أئمة القرن السابع، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان وضع الوضَّاعين في شهر رجب"، وفي هذا كتب يقول: إن بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم أُسري به في رجب، قال: وهذا هو عين الكذب، أقر هذا الكلام خاتمة الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف، وأنا أعرف أن موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم يأت فيها حديث صحيح، ولا قول صحيح لأحد الصحابة إنما هو قول اشتهر، وقال به بعض الأئمة ونُسب إلى الإمام النووي، اختاره الإمام النووي في فتاواه-لعله يعني الروضة-، والإمام النووي رجل كان مقبولاً عند الأمة، فاشتهر قوله هذا، على حين أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن الإسراء والمعراج ليس في ليلة السابع والعشرين من رجب بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول.
و أنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا، وأن هذا قول اشتهر وأصبح معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون الإسراء والمعراج في هذه الليلة، ونظراً لأنه لا يترتب على ذلك عمل أو عبادة، فهذه الليلة لا يُشرع فيها قيام ولا يُشرع في صبيحتها صيام، ولا يُطلب من المسلم أي عمل يتقرب به إلى الله في تلك الليلة أو في ذلك اليوم، ولذلك المسلمون لم يهتموا بهذا الأمر، مسألة الاحتفال إذا كان المقصود بالاحتفال تدارس هذا الحدث العظيم وما كان له من أثر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بعد عام الحزن وبعدما أصابه، أراد الله سبحانه وتعالى أن يسرِّي عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يكرِّمه بعد أن أعرض عنه الناس في الأرض وأعرضت عنه قريش وأعرضت عنه ثقيف بعد رحلته إلى ثقيف، ولقي منهم ما لقي ، بعد هذا أراد الله أن يكرِّمه فيصلي بالأنبياء إماماً ويستقبله الملائكة ويستقبله النبيون في السماوات ويعرج به إلى السماوات العلا إلى مكان كما قال شوقي:
لا يُطار لها على جناح ولا يسعى على قدم
فهذا هو المهم أن نعتبر ونستفيد ونأخذ الدروس من هذه القصة ،فلذلك مادام لا يترتب على هذا عمل ولا يترتب على هذا عبادة ،لا مانع أن نحتفل أو نحتفي بهذه المناسبة.
واحتفل بالشيء في اللغة العربية يعني اهتم به وأعطى لها العناية أي لم ينسه ولم ينشغل عنه، فنحن نحتفل أي نهتم بهذا الأمر وخصوصاً أن الإسراء والمعراج فيه أمران مهمان، الأمر الأول هو أنه مرتبط بالمسجد الأقصى منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج، الإسراء انتهى إلى المسجد الأقصى والمعراج ابتدأ من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، ونحن في حاجة إلى أن نذكر المسلمين في عصرنا هذا وفي أيامنا هذه بالمسجد الأقصى الأسير في أيدي اليهود .
فالناس مشغولون عن هذه القضية المحورية والمركزية، القضية الأولى بالنسبة للمسلمين في عصرنا هذا هي قضية فلسطين وقضية فلسطين لُبُّها وجوهرها القدس، ولُبُّ القدس وجوهره المسجد الأقصى، فنحن ننتهز هذه الفرصة ونذكر الناس بقضية فلسطين من خلال ذكرى الإسراء والمعراج والحديث عن المسجد الأقصى. والله أعلم) ا.هـ
نعم تدارس حادثة الإسراء والمعراج واستخلاص الدروس والعبر منها أمرٌ في غاية الأهمية ، لكن من غير الترويج لها في شهر رجب لا سيما في السابع والعشرين منه ، لما في ذلك من التضليل والتأييد للكذب بإيهام الناس أن الإسراء كان في رجب ، وليس الأمر كذلك .
وأما الإمام النووي رحمه الله تعالى فله في ليلة الإسراء والمعراج ثلاثة أقوال :
• ففي شرح مسلم أنها في ربيع الآخر .
• وفي الروضة أنها في 27 من رجب .
• وفي الفتاوى أنها في 27 من ربيع الأول .
ولعلّ قوله في الفتاوى هو المقدّم على غيره ، لأنه قال في خطبة الفتاوى :
(وأقتصر على الأصحّ في معظم ذلك ، ولا أذكر الخلاف في المسائل المختلف فيها إلا نادراً لحاجة) ا.هـ
ختاماً :
مما لا ريب فيه عند من سلمت فطرته وحسنت طويته أن أمراً واحداً من هذه الأمور السابقة كافٍ لإثبات بدعية هذا الإحتفال وعدم مشروعيته، فكيف بها مجتمعة .
وللمزيد يُنظر هذا الرابط القيم :
http://saaid.net/mktarat/12/7.htm ومن المؤسف حقاً أنه لا تزال بعض البلدان الإسلامية ترعى الإحتفال بهذه الليلة دون أن يكون لها أيّ مستند مرضيّ ، ولا تسلم هذه المحافل من غلو وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان، فالله المستعان .
والله نسأل أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون هدي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ظاهراً وباطناً إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين