فى الوقت الذى كان الخلاف فيه بين المسيحين حول أصول العقيدة نجد الإسلام يظهر بكل وضوح لا لزعمائه وقادة الفكر والدعوة إليه فقط ولا لخاصة المثقفين من أتباعه وأنصاره فحسب بل لكل مسلم أياً كان ، يستوى فى ذلك الأصول الاعتقادية والشعائر التعبدية والفضائل الخلقية والأحكام التشريعية .
فالعقيدة واضحة لا يجهلها مسلم أياً كان جنسه أو لونه أو ثقافته فلا مكان فى الإسلام لتأليه بشر أو حجر أو شئ فى الأرض ولا فى السماء بل لله ما فى السماوات وما فى الأرض والمسلم يعلم أن هناك حساب وجزاء فى اليوم الآخر وأن الدنيا مزرعة الآخرة وأن مصير كل إنسان فى الآخرة ليس بيد كاهن ولا قديس بل بما تشهد لهم صحائفهم وتحكم لهم أو عليهم موازينهم ، وهذا الإيمان أصل أصيل لا يخفى على مسلم .
والشعائر التعبدية فى الإسلام واضحة فالمسلم يصلى خمس صلوات فى اليوم والليلة ويعلم مواقيتها ولا يخفى عليه شئ من أركانها وشروطها وسننها .
والزكاة معروفة لكافة المسلمين فهى تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ولا تجب إلا على من يملك النصاب وكل مسلم يعلم أن فى المال زكاة وفى الزروع والثمار زكاة وفى الحيوان زكاة وهكذا .
وكل مسلم يجب عليه صيام شهر رمضان كل عام ومعلوم لكل الأزمنة زمن الشهر ووقت الصيام من تبين الفجر إلى غروب الشمس وكيفية الصيام من الإمساك عن الطعام والشراب ومباشرة النساء شئ لا يجهله مسلم .
والحج فريضة العمر لا يجهل مسلم أنه فريضة على المستطيع وأن مكانه مكة المكرمة وأن الحاج لابد له من الإحرام والطواف ببيت الله الحرام والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات والمبيت فى المزدلفة ومنى ورمى الجمار والحلق أو التقصير .
كل هذا واضح بإجمال فى ذهن كل مسلم فإن أراد التفصيل فمن الميسور عليه أن يحضر درس علم أو يقرأ كتاب يجد فيه بغيته بكل وضوح ويسر .
ومن الأصول الإسلامية الواضحة ما يتعلق بالجانب الأخلاقى فأمهات الفضائل التى أمر بها الشرع وحث عليها معروفة لدى جميع المسلمين فلا يجهل مسلم أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وكذا مساعدة الفقراء والمساكين والوصية بالجار وابن السبيل والضيف .
ولا يجهل مسلم أن الإسلام يبارك فضائل الصدق والأمانة والوفاء والصبر والعفاف والحياء والسخاء والشجاعة والحلم والإيثار والتعاون على البر والتقوى ولا يجهل مسلم أن الله ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى ولا يحب الفساد ولا يحب الخائنين وأن من الكبائر الموبقات أكل الربا وأكل مال اليتيم ولا يجهل مسلم حرمة قتل النفس عمداً والفساد فى الأرض والسرقة والزنى وشرب الخمر والشريعة الإسلامية أيضاً واضحة فكل مسلم يعلم أنه يحرم عليه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر ولعب الميسر .
وكل مسلم يعلم أنه لا يحل له الزواج من أمه أو ابنته أو أخته أو إحدى محارمه من النسب أو الرضاع أو المصاهرة .
وكل مسلم يعلم أنه يحل له الطلاق والمراجعة مرتين ثم لا تحل له المطلقة من بعد حتى تنكح زوجاً غيره وأن كل امرأة لابد تعتد إذا فارقت زوجها بطلاق أو وفاة وكل مسلم يعلم أن الله قد أحل البيع وحرم الربا وأنه شرع القصاص من القاتل المتعمد كما شرع الحدود والعقوبات لقطع يد السارق وجلد شارب الخمر ورجم الزانى المحصن وجلد غير المحصن .
هكذا يصبح الإسلام مقدماً على سائر الشرائع والقوانين بوضوحه لأتباعه وضوح الشمس فى كبد السماء حيث لا لبس فيه ولا غموض .
