الإقلاب : أما الحكم الثالث من أحكام النون الساكنة والتنوين وهو الإقلاب فمعناه لغة تحويل الشيء عن وجهه واصطلاحا قلب النون الساكنة أو التنوين ميما مخفاة في اللفظ لا في الحرف مع بقاء الغنة من هذا التعريف نرى أنه لابد من الغنة حال الإقلاب أو حال قلب النون الساكنة أو التنوين ميما لابد من الإتيان بالغنة ويكون الإقلاب أو القلب على الأصح نقول القلب إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين حرف الباء فقط ويكون حرف الباء بعد النون الساكنة أو التنوين في كلمة واحدة مثل " ينبت " أو في كلمتين " من بعد " أما التنوين كما هو معلوم فلا يكون إلا من كلمتين مثل " عليم بذات " ويلاحظ من التعريف أنه تقلب النون إذا جاءت بعدها الباء تقلب ميم ولكن مع إخفاء الميم و إخفاؤها يكون بعدم إطباق الشفتين إطباقا تاما بل نجعل بينهما انفراجاً يسيرا يسمح بمرور التنفس " من بعد " " أن بورك " " ينبت " " فأنبتنا " "عليم بذات الصدور " وأؤكد أيضا انه لابد من الإتيان بالغنة في حالة قلب النون الساكنة أو التنوين ميما إذا أتى بعدها حرف الباء
الإخفاء : أما الحكم الرابع من أحكام النون الساكنة والتنوين فهو الإخفاء وهو الحكم الأخير من أحكام النون الساكنة والتنوين فلقد عرفنا فيما سبق أن للنون الساكنة والتنوين أربعة أحكام الإظهار والإدغام والإقلاب والإخفاء وقد مضى بيان الثلاثة الأول وفاضل أي باقي الحكم الرابع ويسمى الإخفاء الحقيقي تعريف الإخفاء "معناه لغة الستر واصطلاحا النطق بالحرف بصفة بين الإدغام والإظهار عار عن التشديد مع بقاء الغنة مع الحرف المخفي" من التعريف نري أن الإخفاء يكون بحالة بين الإدغام وبين الإظهار يعني لا هو إظهار ولا هو إدغام وإنما يكون بحالة وسط بين الإظهار وبين الإدغام ويلاحظ من التعريف أيضا أنه لابد من الإتيان بالغنة مع الإخفاء فقد قلنا مع بقاء الغنة في الحرف المخفي وسآتي بمثال أوضح به كيفية الإخفاء فأقول مثلا النون الساكنة إذا أتت بعدها صاد كان حكمها الإخفاء فلو أظهرت هذه النون لقلت " أن صدوكم " بأن ألصق طرف لساني بأصول الثنايا العليا " أن صدوكم " وهذا لا يصح لأنه إذا أتت الصاد بعد النون يكون حكمها الإخفاء وليس الإظهار كذلكم إذا أدغمت النون في الصاد لنطقت النون والصاد معا صادا مشددة لأن الإدغام كما قلت هو النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا فيلزم حينئذ أن أقول " أصّدوكم " وهذا أيضا لا يجوز إذا فكيف أنطق النون في حالة الإخفاء؟
لا ألصق طرف اللسان في أصول الثنايا وأيضا لا أدغم النون في الصاد وأشدد الصاد بل أجعل طرف اللسان مجافيا لأصول الثنايا ولا أشدد الحرف الثاني وأتى بالغنة فأقول " أن صدوكم " ولو قرأ قارئ " أن صدوكما " بأن أظهر النون على الرغم من أنه أتى بالغنة إنما الإخفاء يتجافى طرف اللسان عن أصول الثنايا العليا فيقرأ " أن صدوكم " والحروف التي تخفى عندها النون الساكنة أو تخفى عندها التنوين هي الحروف الباقية بعد التي أخذناها لكل من الإظهار والإدغام والإقلاب فقد أخذنا للإظهار " ستة أحرف " وهي " الهمزة - الهاء - العين - الحاء- والغين - الخاء " وأخذنا للإدغام حرفا واحدا وهو " الباء " فيكون مجموع الحروف التي أخذناها للأحكام الثلاثة الإدغام والإظهار والإقلاب ثلاثة عشرة حرفا ويكون الباقي من حروف الهجاء الثمانية والعشرين خمسة عشرة حرفا هي للحكم الباقي وهي الإخفاء الذي نتكلم عنه الآن ولكي يسهل علينا معرفة الحروف التي تخفى عندها النون الساكنة والتي يخفي عندها التنوين وضع لنا أحد العلماء الأفاضل بيتا من النظم يحتوي على خمس عشرة كلمة هذا البيت هو : " صف ذا ثنا كم جاد شخصا قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالما " فنأخذ الحرف الأول من كل كلمة فيتجمع عندنا خمس عشرة حرفا وهي " الصاد- والذال - والثاء - والكاف - الجيم - والشين - والقاف - والسين - الدال - والطاء - والزاى - والفاء - والتاء - والضاد - والظاء " وهي الحروف الأوائل من كلمات الست الذي ذكرته الآن فإذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين أحد هذه الحروف الخمسة عشرة أخفيت عنده النون وأخفى عنده التنوين بحيث ينطق بها بصفة بين الإدغام و الإظهار من غير تشديد مع مراعاة بقاء الغنة وفي حالة الإخفاء كما هو الحال في الإظهار والإقلاب تأتي النون مع حرف الإخفاء في كلمة وفي كلمتين أما التنوين فلا يكون إلا من كلمتين إذا الحكم الذي يشترط فيه أن تكون النون والحرف الذي بعدها في كلمتين وهو الإدغام فقط أما الإظهار والإقلاب والإخفاء فتكون النون مع كل حرف من حروف هذه الأحكام في كلمة وتكون معه أيضا في كلمتين وأمثلة الإخفاء الحقيقي أمثلة النون مع الصاد في كلمة " ينصركم "
وفي كلمتين "ولمن صبر" ومثال التنوين "عملا صالحا" ومثال النون الساكنة مع الذال في كلمة "لينذر" وفي كلمتين "من ذهب" مثال التنوين " وكيلًا ذرية " ومثال النون الساكنة مع الثاء في كلمة " الأنثى" وفي كلمتين "فمن ثقلت " ومثال التنوين "أزواجاَ ثلاثة " ومثال النون الساكنة مع الكاف وفي كلمة " أن كان " وفي كلمتين " من كان "
ومثال التنوين " كتابا كريم " ومثال النون الساكنة مع الجيم في كلمة " أنجينا " وفي كلمتين " من جاء " ومثال التنوين مع الجيم " فصبرا جميلا " ومثال النون الساكنة مع الشين في كلمة " فأنشأنا " وفي كلمتين " فمن شهد " ومثال التنوين مع الشين في كلمة " غفور شكور " ومثال النون الساكنة مع القاف " على كل شئ قدير " ومثال النون الساكنة مع السين في كلمة " الإنسان " وفي كلمتين " أن سيكون " ومثال التنوين مع السين " قولا سديدا " ومثال النون الساكنة مع الدال في كلمة " عنده " وفي كلمتين " من دابة " ومثال التنوين مع الدال " عملا دون " ومثال النون الساكنة مع الطاء " صعيدا طيبا " ومثال النون الساكنة مع الزاي في كلمة " أنزل " وفي كلمتين " من زوال " ومثال التنوين مع الذال في كلمة " نفسا ذكية " ومثال النون الساكنة مع الفاء في كلمة " وأنفقوا " وفي كلمتين " من فضله " ومثال التنوين مع الفاء في كلمة " خالدا فيها " ومثال النون الساكنة مع التاء في كلمة " كنتم " وفي كلمتين " ومن تاب " ومثال التنوين مع التاء " جنات تجري " ومثال النون الساكنة مع الضاد في كلمة " منضود " وفي كلمتين " من ضعف " ومثال التنوين مع الضاد في كلمة " قوماً ضالين " ومثال النون الساكنة مع الظاء في كلمة " انظر " وفي كلمتين " من ظهير " ومثال التنوين مع الظاء " ظلا ظليلا "
وقد نظم الشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله تعالى أحكام النون الساكنة والتنوين في منظومته تحفة الأطفال فقال :-
للنون إن تسكن وللتنوين
أربع أحكام فخذ تبييني
فالأول الإظهار قبل أحرف
للحلق ست رتبت ولتعرف
همز فخاء ثم عين حاء
مهملتان ثم غين حاء
والثاني إدغام بستة أتت
في يرملون عندهم قد ثبتت
لكنها قسمان قسم يدغما
فيه بغنة بينمو علما
إلا إذا كان بكلمة فلا
تدغم كدنيا ثم صنوان تلا
والثاني الإقلاب عند الباء
ميم بغنة مع الإخفاء
والرابع الإخفاء عند الفاضل
من الحروف واجب للفاضل
" وكلمة الفاضل هنا بمعنى الباقي "
في خمسة من بعد عشر رمزها
في كن هذا البيت قد ضمنتها
صف ذاتنا كم جاد شخص قد سما دم طيبا زد في تقى ضع ظالما
وبهذا نكون قد عرفنا أحكام النون الساكنة والتنوين وعرفنا الأحكام التي تأتي معها غنة والتي لا تأتي معها غنة أقول سريعا تعريف كل حكم من هذه الأحكام لكي نعرف هل تأتي فيه الغنة أم لا تأتي .
أولا : الإظهار معناه لغة البيان اصطلاحا إخراج الحرف من مخرجه من غير غنة في الحرف المدغم فيلاحظ من التعريف أنه لا غنة مع حكم الإظهار وذلك إذا أتى بعد النون الساكنة أحد حروف الحلق الستة " الهمزة - والهاء - والعين - والحاء - والغين - والخاء "
ثانيا :- أما تعريف الإدغام فهو لغة الإدخال واصطلاحا النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا بالنسبة للغنة والإدغام ينقسم إلى قسمين إدغام بغنة إذا أتى بعد النون الساكنة والتنوين حرف من الحروف المجموعة في كلمة " ينمو " وإدغام بغير غنة وذلك إذا أتى بعد النون الساكنة أو التنوين راء أو لام إما بعد فقد عرفنا سابقا أن النون إذا أتت مع أحد حروف الإدغام في كلمة واحدة فلا إدغام ولا غنة مثل " الدنيا - بنيان - صنوان - قنوان " وإنما تظهر في النطق ويسمى هذا بالإظهار المطلق وتعريف الإقلاب فهو لغة تحييد الشيء عن وجهه واصطلاحا قلب النون الساكنة أو التنوين حرفا ياء " ينبت " " عليم بذات الصدور " " من بعد " أما تعريف الإخفاء فهو لغة الستر واصطلاحا النطق بالحرف بصفة بين الإدغام والإظهار عار عن التشديد مع بقاء الغنة ويلاحظ أنه لابد من الإتيان بالغنة مع حكم الإخفاء هذا بالنسبة للنون الساكنة أو التنوين والحالات التي لا تأتي فيها الغنة في النون الساكنة والتنوين فتأتي الغنة في الإدغام بغنة والإقلاب وفي الإخفاء الحقيقي ولا تأتي الغنة في الإظهار الحلقي ولا الإدغام بغير غنة ولا في الإظهار المطلق هذا بالنسبة للنون الساكنة والتنوين
الميم الساكنة : أما بالنسبة للميم الساكنة ومعرفة الحالات التي تأتي فيها الغنة والتي لا تأتي فيها الغنة فلابد أن نعرف أيضاً أحكام الميم الساكنة وأحكام الميم الساكنة ثلاثة وهى الإخفاء الشفوي وإدغام المتماثلين الصغير والإظهار الشفوي ويكون الإخفاء الشفوي إذا أتى بعد الميم الساكنة حرف الياء مثل " إن ربهم بهم " ميم ساكنة أتت بعدها الباء نخفى الميم في النطق وإخفاء الميم يكون بعدم إطباق الشفتين إطباقا تاما بل نجعل بينهما انفراجا يسيراً يسمح بمرور النفس كما قلت في الإقلاب " إن ربهم بهم " مع الغنة أما إدغام المتماثلين الصغير فيكون في الميم الساكنة إذا أتى بعدها حرف الميم مثل " لكم ما كسبتم " فإدغام الميم الساكنة في الميم التي بعدها وأنطقهما معا ميم مشددة وآتي بالغنة حينئذ " لكم ما كسبتم " إما الحكم الثالث وهو الإظهار ويسمى بالإظهار الشفوي فيكون إذا أتى بعد الميم الساكنة أي حرف من حروف الهجاء ما عدا الباء والميم لأننا أخذنا الباء للإخفاء الشفوي وأخذنا الميم للإدغام المتماثلين الصغير والباقي في الإظهار الشفوي ومعلوم من تعريف الإخفاء مما سبق في تعريفه من أحكام النون الساكنة والتنوين أنه تصحبه غنة أما بالنسبة للإدغام في الميم الساكنة إذا أتت بعدها الميم فهو إدغام المتماثلين الصغير فلابد من الإتيان فيه أيضا بغنة لأن الميم إذا ما أدغمت في الميم التي بعدها صارتا معا ميما مشددة وقد عرفنا بأن الميم المشددة لابد من غنتها مطلقا ومعلوم أيضا من تعريف الإظهار ما سبق في تعريفه عند الكلام عن أحكام النون الساكنة والتنوين أنه لا تأتى معه غنة إذا الميم الساكنة تأتي فيها الغنة في حالة الإخفاء الشفوي وإذا أتى بعدها حرف الميم ولا تأتي في حالة الإظهار الشفوي إذا أتى بعدها أي حرف من حروف الهجاء ما عدا " الياء والميم" مثال " إن ربهم بهم " أتى بغنة في هذه الميم التي أتت بعدها الياء وحكمها الإخفاء الشفوي " ولكم ما كسبتم " أتى بالغنة في الميم لأنه أتى بعده ميم وحكمها إدغام المتماثلين الصغير أتى فيها بغنة إما ما عدا ذلك مثل " ربهم يومئذ " ميم بعدها ياء لا غنة لأن حكمها الإظهار الشفوي وهكذا بقية أمثلة الإظهار الشفوي وخلاصة القول مرة أخرى أن الغنة خاصة بحرفين أثنين فقط من حروف الهجاء وهما " النون والميم " ولكن لا تأتي فيهم الغنة مطلقا بل إن النون والميم المتحركتين لا غنة فيهما والنون والميم المشددتين تأتي فيهما الغنة المطلقة والنون الساكنة تأتي فيها الغنة في حالة الإدغام بغنة وفي حالة الإقلاب وفي حالة الإخفاء الحقيقي ولا تأتي فيها غنة في حالة الإظهار الحلقي وفي حالة الإدغام بغير غنة وفي حالة الإظهار المطلق أما الميم الساكنة فتأتي فيها الغنة في حالة الإخفاء الشفوي وفي حالة الإدغام المتماثلين الصغير ولا تأتي الغنة في حالة الإظهار الشفوي هذا ما كان بالنسبة للنوع الأول الذي يكثر دورانه أثناء القراءة وهو الغنة
المد : إما النوع الثاني الذي يكثر دورانه في أثناء قراءة القرآن الكريم وهو المد والمد معناه لغة الإطالة ونقول المط والزيادة واصطلاحا إطالة زمن الصوت بحرف المد عند ملقاه همزا أو سكونا يعني إذا أتى بعد حرف المد همز أو سكون أطلنا زمن الصوت بحيث يزيد عن المد الطبيعي ولكن ما هو مقدار هذه الزيادة؟ هذا ما سنفصله فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
المد المتصل : فنقول إذا أتى بعد حرف المد همز سواء كان في كلمة واحدة مثل " السماء " " الملائكة " " أولئك " وهو ما يسمى بالمد المتصل لاتصال الهمز بحرف المد في كلمة واحدة أطلنا زمن الصوت بحرف المد عن المد الطبيعي بمقدار يعني أتينا بالمد بمقدار أربع حركات والحركة مقدار قبض الإصبع أو مقدار ضبط الإصبع فإذا قبضت الإصبع الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع فقد أتيت بأربع حركات المد المتصل يمد أربع حركات أو خمس حركات
المد المنفصل : كذلك المد المنفصل وذلك الذي يأتي فيه الهمزة بعد حرف المد ولكن يكون حرف المد آخر الكلمة فيكون الهمز بعده أول الكلمة التالية مثل " قالوا آمنا بما أنزل " " إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ " حرف المد أتى بعده همزة بعد أول الكلمة الثانية هذا يسمى بالمد المنفصل لانفصال الهمز عن حرف المد بأن كان كل منهما في كلمة ومقدار المد المنفصل مثل المد المتصل أربع حركات أو خمس حركات سنقول " قالوا أمنا بما أنزل " وهكذا بقية الأمثلة " إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر "
المد اللازم : وحروف المد بالطبع معلومة لديكم وهي " الألف " ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا والواو بشرط ضم ما قبلها والياء بشرط كسر ما قبلها فإذا كان هناك ألف وكان هناك واو مضموم ما قبلها أو ياء مكسور ما قبلها فهذه هي حروف المد الثلاثة أما إذا كانت الواو ساكنة وقبلها مفتوح مثل " خوف " "ثواب" أو إذا كانت الياء الساكنة مفتوح ما قبلها مثل " بيت " " بيع " فهذه هي الياء وهذه الواو ليست بحرف مد وإنما هو حرف لين وإذا أتي بعد حرف اللين أي الواو الساكنة المفتوح ما قبلها أو الياء الساكنة المفتوح ما قبلها أيضا إذا أتي بعدها همز فلا مد وإنما يكون المد إذا وقفنا على الكلمة مثل " شئ "يأخذ المد هنا حكم المد العارض